كاتب سعودي يدافع عن المقيمين بالمملكة .. رداً على ما قاله داوود الشريان عنهم
الأربعاء 19 ديسمبر 2012
الكاتب السعودي : سعود البقمي
خمسون عاما واستكثرنا أن نقول للوافد شكراًًًًًً!!..
كم نحن عنصريون، سبعون عاما ويزيد وهم يعملون لنا ومعنا ويشاركوننا بناء
بلدنا ولم نقل لهم شكرا، نصف قرن أفنى غالبيتهم زهرة شبابه يعمل ويذهب
صباحا إلى عمله الذي يعود في النهاية نفعه أيا كان حجمه في دائرة تنمية
البلد، ونحن نائمون في المكيفات والمجالس والاستراحات عالة عليهم تزوجوا
هنا وأنجبوا أولادهم هنا، حتى أن أولادهم اعتقدوا أو يتملكهم اعتقاد أنهم
عيال بلد، وهم فعلا كذلك بالمولد، لم نكن لنقفز هذه القفزات الكبيرة خلال
خمسين عاما لولا أنهم جاءوا إلى بلدنا وشاركونا البناء والتعمير والتأسيس.
سبعون عاما ويزيد وهم في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، مهندسون وأطباء
وصيادلة ومحامون وعمال وميكانيكيون وأساتذة جامعات ومدرسون وطباعون وبناءون
ومقاولون وبائعو فاكهة وخضار وملابس وفنيون واستشاريون بل وحتى طققات
وبائعات
خمسون عاما عانوا مما عانيناه وربما أكثر، فعندما استيقظت الحكومة يوما
وأرادت أن تعدل التركيبة السكانية لم تضرب على أيدي تجار الإقامات ولكنها
توجهت إلى الوافدين ووضعت قيودا وشروطا عليهم وعلى اقاماتهم، وتكاليف
إقامتهم بمبلغ يفوق الحد الأدنى لراتبه رغم أنه لا توجد حدود دنياللرواتب
ولم تحدد يوما، وكأن الحكومة عندما أرادت أن تكحل التركيبة السكانية أعمت
عيون الوافدين، كانوا ولا يزالون الحلقة الأضعف والطريق الأسهل لأي قرار
أرادت به الحكومة تعديل أخطاء تجار الإقامات من المواطنين الذين يتحملون
المسؤولية الكاملة عن كل أخطاء التركيبة السكانية.
بدلا من أن تضرب الحكومة على أيدي تجار الإقامات، ضربت الوافدين بقرارات جعلت البلد أقرب إلى بلد من المغتربين العزاب.
خمسون عاما والوافدون يأتون ويرحلون، يبنون ويعمرون و يشاركوننا العمل
والبنيان، ولم تتكون لدى العامة من المواطنين فكرة سوى أن هؤلاء الوافدين
جاءوا بحثا عن الريال وكأن المواطن ملاك منزّل لا يأكل ولا يشرب ولا يبحث
عن الريال.
في نظرة أخرى للوافدين نقول عنهم «جاءوا ليشاركوننا لقمة عيشنا ويأخذوا
وظائفنا»، رغم أن دستورنا كفل لنا التعليم والصحة والتوظيف وهم «يا بخت» من
يجد منهم وظيفة بالكاد تسد رمقه حتى آخر الشهر.
خمسون عاما وأغلبهم سمع هذه الجملة «أنا سعودي…أنت وافد… أنت أجنبي هذي ديرتي»،
نفس عنصري عالي النبرة، من ربى فينا هذه العنصرية البغيضة ونحننتشدق بالإسلام والرسول يقول (( لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ))
ونسينا أن من يلوح لنا بالعلم الأحمر في الطريق أثناء الإصلاحات به كحماية
وتنبيه لنا هو وافد يقف في عز الظهيرة بينما نحن نستمتع بهواء مكيف
سياراتنا، ونسينا أن من علمنا ودرسنا وطببنا وبنى بيوتناوشال وساختنا
وافدون ومن بدأ حركتنا الفنية من الوافدين ومن أسس صحافتنا «الحديثة»
وافدون، ومن عالجنا وافدون، ومن أعلى البنيان هم من الوافدين.
خمسون عاما واستكثرنا خلا لها حتى أن نقول لهم شكرا.
من القلب شكرا لكل وافد جاء أو عاش في هذا البلد حتى ولو لم يفعل سوى أن دق مسمارا في لوحة إرشادية على جانب طريق مظلم.
تعليقات
إرسال تعليق